ابني يكاد يجنني.. إنه يجمع في تصرفاته كل سلوك يغيظني ويفقدني صوابي.. لا استطيع معه أن أنفذ أيا من وصاياكم التربوية.
الصبر مع حالة ابني شبه مستحيل.
لقد جمع العناد، والتخريب، والسخافة، والحركة غير المنضبطة، وعدم الاستجابة للتوجيهات، وغيرها.
أنا جدا منزعج يا دكتور… مبروك.. مبروك
هذه كلها مؤشرات قيادة محتقنة لم تجد لها مصرفا طبيعيا فاحتالت لتظهر بمظاهر أخرى.
هل تعتقد بأن تلك النماذج من الأطفال المتنمرين لم تكن موجودة فيما مضى؟
برأيك كيف كان تاريخ نشأة القادة الذي هم يديرون شؤوننا اليوم؟
ألا ترى معي الجزء المشرق من الموضوع، وهو أن ابنك استثنائي، وأنه ليس كالأطفال العاديين؟
ألا ترى معي أننا بقليل من التأمل يمكن لك أن تفهم سلوك ابنك؟
هل قرأت كتابنا “في بيتنا مكار”، لتعرف أن سلوك الأطفال هادف؟
وأن (الذيب ما يهرول عبث)؟
ألم تعلم بأن عناد ابنك هو (إصرار على الرأي)؟
وأن مشاكسة ابنتك هي (رغبة في المساهمة معكم في القرار)؟
وأن عبثيته هي نوع من (الاستكشاف)؟
وأن سخافتها هي نوع من (لفت النظر لأهميتها)
افهم تلك التصرفات وتعرف على جذورها النفسية، وبعدها ستقدر على التعامل معها. اقلبها تقبلها…!!
هذا ما فعله رسولنا المربي الكريم صلى الله عليه وسلم فيما ورد في السنة.
لقد حول النبي الكريم حسرة الوالدين من شراسة طفلهما، وخشونة طبعه وتسميها العرب (عرامة) إلي تفاؤل وأمل وحث على الاستثمار ..!!
الإمام الترمذي يروي جواب النبي صلى الله عليه وسلم لمن أشتكوا من نفس شكواكم من الولد العرم المشاكس العنيد، فيقول لهم عليه السلام :
“عرامة الصبي في صغره عقل له في كبره”.
وورد بلفظ “عرامة الصبي في صغره زيادة في عقله في كبره”.
إذن … لنمهد الطريق امام الطفل المليء بالطاقة والحيوية والابداع لكي تنساب طاقاته الذهنية والحركية والقيادية المخزونة، بكل سلاسة. أليس ذلك أفضل من معارضة تلك الطاقات والتصدي لها، بقلة فهمها وضعف استثمارها، لتصبح حجر عثرة في طريقنا ….!!
لنوقف تضييع تلك الموارد والمواهب ..
ولنتهيأ ونتجهز بالتدريب والتعلم لنتمكن من استثمارها خير استثمار ..
وفقكم الله .
الكاتب: د. إبراهيم الخليفي
المصدر: مدونة د.إبراهيم الخليفي